علي جاسم الكعبي
هل هناك حياة بعد الموت
بواسطة علي جاسم الكعبي, 26th September 2014 عند 12:18 AM (331 المشاهدات)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
اذا حصل وان وفقك الله للحظات صافيه نقيه تستعرض فيها حياتك .
هل انت تحيى كما يريد الله ؟؟؟
ام انت تحيى كما يريد الناس ؟؟؟
هل انت تعلم ان هناك حياة حقيقيه اخرى سوف تعيشها للابد ؟؟؟
طبعآ هذا التوفيق لا يناله كل احد الا العلماء العارفون الاوحدون او من سار على هداهم .
سوف تتألم وتستوحش من تلك الحياة . والتي تجد نفسك مجبور بل مرغم ان تعيشها مع ناس لهم قوانينهم واعرافهم ورغباتهم وشهواتهم . اطماع , كذب , خداع , غدر , خيانه , شهوات , اعذار واهيه . وغيرها كثير لمن اخبرها ولمسها . وانها حياة بعيده على الله بل تزيدك بعدآ كل لحظه عن الله .
وانهم وضعوا لها ما يسمى بالاعراف والسنن . وعند التوفيق الالهي تجد فيها كل ما نهى الله عز وجل عنه . الكل يدعي انه من اهل الله سبحانه ويقيم الصلاة ويصوم ويحج واذا تحدث بالدين فانه يعجبك لما لديه من لباقه وسرد للآياة والاحاديث والفتاوى . هذا في الكلام اما في العمل فانه يعمل بما تمليه عليه نفسه الاماره بالسوء فانه يغش ويسرق ويكذب ويخادع ويزني لكن يعطي لها مبررات دينيه . وانهم في الجهاله والعماء والبكم وسوء الاخلاق والحسد والبغضاء والمكر والغش والحرص والبخل والقبح وسوء الظن وطلب الشهوات الرديئه واهم في ذل العبوديه اشقياء , لا راحه لكم الا الموت والقبر .
ان رفضتهم وهجرتهم ياتي من يقول لك انك على خطأ لان مبدأ التعايش والاعراف هو ان تتعايش معهم باعرافهم وقوانينهم . وليس هذا فقط بل همهم الرئيسي هو هذا الجسد . وبسبب ذلك عملوا كل ما يخالف الله من اجله والحفاظ عليه وتوفير كل الوسائل لبقائه وديموميته وليس في بالهم الموت او هناك حياة اخرى .
لا نريد هنا ان نستعرض كيف تجري تلك العلاقات والتعامل مع الاخرين لحد العبوديه . يكفي ان تمنح لنفسك لحظات لتستعرض ما يجري معك ومع هذا الجسد او مع الاخرين لتجد اننا عبيد الدنيا ولسنا عبيد لله سبحانه وتعالى .
السؤال لهم طبعآ .
اين قوانين الله ؟ اين الدين ؟ اين سنة النبي صل الله عليه واله ؟ اين الاخلاق الاسلاميه ؟ اين سيرت واخلاق اهل بيت النبوه عليهم السلام ؟
همنا الدنيا الفانيه . واهملنا الدنيا الحقيقيه . نسمى مسلمين وحقيتنا على طريق الملحدين .
ان لم ننتبه ونصحح امورنا . لاتنفعنا الندامه فقول الله تعالى: { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } قّ:22 . او تقول {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت }
قال الله تبارك وتعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } الرعد:11
ان اردنا ان يغير الله سبحانه احوالنا فعلينا ان نغير ما بانفسنا وان تكون اساس علاقاتنا بالاخرين هي ضمن حدود الله وما شرع لنا
لنستعرض بعض احوال الانبياء والائمه عسى ان نتعض :
ان الانبياء والاوصياء والائمه - صلوات الله عليهم اجمعين - وحتى العلماء الربانيين يرون في معاونة الاخوان المؤمنيين بعضهم لبعض لنصرة الدين . اذا علموا ان في تلف اجسادهم صلاحآ لاخوانهم في امر الدين والدنيا . سمحت انفسهم بتلف اجسادهم . ولانهم يرون ويعتقدون ان من يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله ونصرة الدين . فان نفسه - بعد مفارقة جسدها - تصعد الى ملكوت السماء . وتدخل في زمرة الملائكه وتحيا بروح القدس . وتسبح في فضاء الافلاك في فسحة السموات . فرحه مسروره منعمه ملتذه مكرمه مغتبطه . يعني به روح المؤمن . وقال سبحانه وتعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتآ بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتاهم الله من فضله } الى اخر الايه .
وقد علم كل عالم ان تلك الاجساد قد بليت في التراب وتمزقت . وان هذه الكرامه انما لتلك النفوس التي سمحت بتلف اجسادها في نصرة الدين .
اعلم يا اخي ان الانبياء واوصيائهم واتباعهم يتهاونون بامر الاجساد اذ تبعث الانفس . لانهم يرون الاجساد حبس للنفوس او حجاب لها . وانما تشفق النفس على الجسد ما لم تنبعث . فاذا انبعثت هانت عليها مفارقة الجسد .
هكذا حال النفس مع الجسد انما تشفق على الجسد وتصونه وتحن عليه ما لم تعلم بان لها وجودآ خلوآ من الجسد . وان ذلك الوجود خير وابقى , والذ واحسن من هذا الوجود والبقاء الذي مع الجسد .
ومما يدل على ذلك ان الانبياء - صلوات الله عليهم - يرون ويعتقدون ببقاء النفوس وصلاح حالها بعد تلف الاجساد .
ما فعله موسى وعيسى وغيرهم من الانبياء - عليهم السلام - ان موسى - عليه السلام - قال لاصاحبه : (( توبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم )) .
يعني قتل تلك الاجساد بالسيف .لان جوهر النفس لا يناله الحديد . وذلك ان القوم افتننوا بعبادة العجل في غيبة موسى الى الجبل . فلما رجع اليهم وبان لهم انهم قد ضلوا . ندموا وتابوا . وقد عرف موسى ان الذين تنزهوا عن عبادة العجل في غيبته هم الذين يثبتوا على سنته بعد موته . والذين عبدوا العجل هؤلاء نشأوا على سنة الجاهليه قبل مبعثه . وعلم ايضآ انهم بعد موته لم يأمن ان يحدثوا في دينه وسنته وشريعته شيئآ آخر . كما فعل اهل قريش بالنبي محمد - صل الله عليه واله - بعد فتح مكه وعفى عنهم النبي محمد - صل الله عليه واله - وقال اذهبوا فانكم الطلقاء .
ولم يقتلهم وفعلا انهم نشأوا على سنة الجاهليه وقد احدثوا في دينه وسنته وشريعته اشياء واشياء ولحد تلك اللحظه نرى ونسمع ما يدمي القلب من الفتاوي والبدع التي لا تمت الى دين الله بشيء وانما هي من مما احدثهوا احفاد هؤلاء الطلقاء .
اما ما فعله السحره في زمن موسى - عليه السلام - بتلف اجسادهم قتلآ او صلبآ , اذ قال لهم فرعون : (( آمنتم له قبل ان آذن لكم )) . فقالوا له : (( لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما انت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما اكرهتنا عليه من السحر )) . فصلبهم كلهم ولم يهابوه . وسمحت نفوسهم بتلف اجسادهم . لما علمت ان في ذلك حياة لها وفوزآ ونجاة ونصره للدين . وطاعه لموسى ورضى للرب .
ونبي الله عيسى المسيح - عليه السلام - لما بعث في بني اسرائيل فرآهم منتحلين دين موسى . مستمسكين بظاهر شريعته يقرأون التوراة غير قائمين بواجبها . ولا عارفين حقائقها ولا يعرفون اسرارها . بل يستعملونها على العاده ويجرونها على التقليد . ولا يعرفون الآخره ولا يرغبون فيها . ولا يفهمون أمر المعاد ولا يدرون ما فيها غير الدنيا وغرورها وأمانيها , ولا يدرون مما يستعملون من أمر الشريعه وسنة الدين الا طلب الدنيا .
وهذا ليس غرض الانبياء في دعوتهم الامم , ووضع الشرائع والسنن , اصلاح الدنيا فقط , بل غرضهم من ذلك كله نجاة النفوس الغريقه والعتق لها من اسر الطبيعه . واخراجها من ظلمات الاجساد الى انوار عالم الارواح .والتنبه لها من نوم الجهاله واليقظه من رقدة الغفله , وتخليصها من الم نيران الشهوه الجسمانيه المحرقه للافئده . وشفاؤها من الامراض والاسقام وخوف الفقر والتلف والاحزان والاسف , واحداث الزمان وغيظ الاعداء , والغم على الاصدقاء وحرقة الاشفاق على الاحباء والاقرباء . ونوائب الحدثان حالآ بعد حال .
فلما رآهم المسيح على تلك الحاله , لا فرق بينهم وبين من لا يقر بالمعاد ولا يعرف الدين والنبوه ولا الكتاب ولا السنه ولا المنهاج ولا الشريعه ولا الرغبه في الاخره غمه ذلك منهم ورق لهم وتحنن على ابناء جنسه وتفكر في امرهم كيف يداويهم من دائهم الذي استقر بهم .
فراى ان يظهر لهم بزي الطبيب المداوي وجعل يطوف في محال بني اسرائيل حتى مر بقوم من القصارين خارج مدين فوقف عليهم فقال لهم : (( أرايتم هذه الثياب اذا غسلتموها ونظفتموها وبيضتموها , هل تجوزون ان يلبسها اصحابها واجسادهم ملوثه بالدم والبول والغائط ولون القاذورات ؟ قالوا : لا , ومن فعل ذلك كان سفيهآ !
قال : فعلتموها انتم ! قالوا كيف ؟ قال : لانكم نظفتم اجسادكم وبيضتم ثيابكم ولبستموها , ونفوسكم ملوثه بالجيف , مملوءه قاذورات من الجهاله والعماء والبكم وسوء الاخلاق والحسد والبغضاء والمكر والغش والحرص والبخل والقبح وسوء الظن وطلب الشهوات الرديئه وانتم في ذل العبوديه اشقياء , لا راحه لكم الا الموت والقبر !
فقالوا : كيف نعمل , هل لنا بد من طلب العيش ؟ فقال : فهل لكم ان ترغبوا في ملكوت السماء حيث لا موت ولا هرم ولا وجع ولا سقم ولا جوع ولا تعب ولا عطش ولا خوف ولا حزن ولا فقر ولا حاجه ولا تعب ولا عناء ولا غم ولا حسد بين اهلها , ولا بغض . وقول نبي الله ابراهيم - عليه السلام - : { الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) }
اما نبي الله يوسف - عليه السلام - فقال : {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } .
اترى انهما أرادا اللحوق بالصالحين بجسديهما او نفسيهما ؟
وهل ألحق جسداهما الا بتراب الارض التي منها خلقا . وانما ارادا نفسيهما الزكيتين الشريفتين الروحانيتين . لا جسديهما المؤلفين من اللحم والدم والعظم والعروق والعصب .
اما اهل بيت نبينا الائمه الاطهار - عليهم السلام - كانوا يرون هذا الراي .
بتسليمهم اجسادهم الى القتل يوم كربلاء . ولم يرضوا ان يتولوا على حكم يزيد وزياد . وصبروا على العطش والطعن والضرب حتى فارقت نفوسهم أجسادهم .ورفعت الى ملكوت السماء . ولقوا آباءهم الطاهرين محمدآ وعليآ والمهاجرين والانصار الذين اتبعوهم في ساعة العسرة .
ولو لم يكونوا مستيقنين ببقاء نفوسهم بعد مفارقة أجسادهم . لما تعجلوا أهلاك أجسادهم وتسليمها الى القتل والضرب والطعن .وفراق لذيذ عيش الدنيا .ولكنهم قد علموا وتيقنوا ما دعوا اليه من الحياة في الاخره والنعيم والخلود فيها .والفوز والنجاة من غرور الدنيا وبلائها .
فبادروا الى ما تصوروا وتحققوا وتسارعوا في الخيرات . وكانوا يدعون ربهم رغبآ ورهبآ . وكانوا من خشيته مشفقين .
والحمد لله ب العالمن