ذرة من تراب الحسين
الٓدُنْيا مَزّرَعَةُ الٓآخِرة
بواسطة ذرة من تراب الحسين, 21st August 2014 عند 01:18 PM (307 المشاهدات)
في الرؤية الاسلامية إن حياة الانسان تبدأ بعد موته ولا تنتهي بالموت وعلى ضوء الرؤية الاسلامية للانسان وللحياة وللكون فانّ حياة الانسان سوف لا تنتهي بموته ، بل بالعكس فانّ هذه الحياة الاُولى التي يعيش فيها ضيقة وصبعة ، وسوف يتخلّص من كثير من صعوباتها وضيقها بانتقاله الى العوالم الاُخرى ولكن ذلك يعتمد على ما يبذله من جهد في بناء مواقعه الحياتية في العوالم الاُخرى وهو في الدنيا.
كما أنه سوف يعاني الامرّين والأشد في تلك العوالم فيما إذا لم يهتم في هذه الدنيا ببناء عوالمه تلك لأنه قد يمكنه تجاوز كثير من الأخطاء العمدية في هذه الحياة الدنيا ، ويمكنه أن يتخلّص بالتواءاته من كثير من المواقف الحرجة والحسابات القانونية والاجتماعية ، لأن هذه الدنيا هي دنيا العمل بلا حساب ، وأما تلك العوالم فهي بالعكس تماماً فلا ينفعه دهاؤه ولا تنفعه حيله ، لأن تلك العوالم حساب بلا عمل ، اضافة الى أن هذه الدنيا يحكمها الغموض ويسيطر عليها قانون التمويه لاختفاء الحقائق وراء مظاهر لا تمثلها ولا تمت اليها بصلة ، ولكن العوالم الاُخرى بعكس ذلك فهي عوالم الحقائق (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)(2).
وذلك اليوم (يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون)(3) والحقائق تكشفت ، فيسعى الانسان جاهداً الى أن يتحرّك ويعمل ليعوض عمّا سبق ويتخلّص من الورطات الجديدة التي وقع فيها ولكنه لا يستطيع. ولذلك علينا ان نعمل الان هنا في الحياة الدنيا نزرع وتقطف الثمار في الآخرة
ولذلك ففي الرؤية الاسلامية أن الحياة الحقيقية هي تلك الحياة التي سيعيشها الانسان بعد انتقاله إليها بعد بالموت ، وقد عبّر القرآن الكريم عن تلك الحياة (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)(4) أي أن الانسان في تلك العوالم
(1) عدة الداعي لابن فهد الحلي :ص 109 ، باب 2 . وعنه في البحار : ج 70 ، ص 321 ، 322.
(2) سورة ق : الآية 22.
(3) سورة القلم : الآية 42.
(4) سورة العنكبوت : الآية 64.
( 17 )
المصادر من كتاب منازل الآخرة للشيخ المحدث عباس القمي