بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
ان الله عز وجل قد اكثر من مدح المؤمنين وذم الكافرين , لانهما خلتان بينهما بعد بعيد .
احدهما مجمع الخير , وفضيلة الانسانيه فيها كلها , وهي الايمان .
والاخرى ضدها وهي الكفر , وهو مجمع الشرور كلها .
قد نشرنا عدة مواضيع عن الايمان وخصال المؤمنين . وهنا نذكر ما الكفر , ليعلم من الكافرون بالحقيقه :
الكفر : في لغة العرب الغطاء , وهو شيء يعرض للنفس من جهة الجسد . وذلك اذا استقرت النفس في الجهاله تغطى عليها أمر ذاتها . , وذهب عليها معرفة جوهرها , وتنسى مبدأها , ولا تذكر من معادها , حتى تبلغ من جهالتها ان لا تعلم بان لها وجودآ خلو من الجسد , حتى تظن انها جسم كما يظن ويقول كثير ممن يتعاطى النظر في العلوم , وهو قوله:
ان الانسان هو هذا الجسد الطويل العريض العميق , المؤلف من اللحم والدم .
ولا يدرون ان مع هذا الجسد جوهرآ آخر وهو المحرك له , وهي النفس المطهره به ومنها افعاله .
من لا يعرف جوهر النفس . فهو لا يعرف من الامور الروحانيه ولا يتصورها , واذا سمع ذكرها انكرها لشدة استغراقه في ظلمات الجهالات ,
فهؤلاء اذا سمعوا بذكر جهنم , لا يتصورنها الا أمرآ صناعيآ , وانهم يظنون ان جهنم هي خندق محفور , كبير واسع , مملوء من نيران تشتعل وتلتهب , وان الله تعالى يامر الملائكه قصدآ منه وغيظآ على الكفار ان ياخذوهم ويرموا بهم في ذلك الخندق . ثم انه كلما أحرقت أجسادهم وصارت فحمآ ورمادآ , أعاد فيها الرطوبه والدم حتى تشتعل من الرأس ثانيآ كما اشتعل أول مره . وهكذا يكون دأبهم أبدآ , ويحتجون بقوله تعالى : { كلما نضجت جلودهم بدلناها جلودآ غيرها ليذوقوا العذاب } . ولا يعرفون معنى قوله تعالى ولا تأويل كتابه .
انهم اذا سمعوا ان الله غفور رحيم حنان منان رؤوف ودود , وما شاكل ذلك من اسمائه الحسنى , وتفكروا فيها أنكرت عليهم عقولهم ما اعتقدوا فيه من الحقد وقلة الرحمه لخلقه , فعند ذلك يتحيرون ويتشككون فيما أخبرت به الانبياء - عليهم السلام - اذ لا يعرفون شيئآ عن صفة جهنم وعذاب أهلها . ولا يعرفون تأويل كتابهم ولا معاني أشاراته ورموزاته ودقائق أسراره . ذهب عليهم معرفتها وتغطى عليهم علمها , انكروها بقلوبهم , وان كانوا لا يظهرونها بالسنتم مخافة السيف والصلب كما قال تعالى { فالذين لا يؤمنون بالاخره قلوبهم منكره وهم مستكبرون } .
هذا هو حقيقة الكفر والضلال والجهاله وعمى البصر , لان هؤلاء لا يؤمنون الا بظواهر الايات والاخبار , ولا يتفحصوا عن حقائق اسرار كلام الله عز وجل , واسرار الاخبار النبويه , حين قالوا وبينوا , فجملة ذلك حق وصدق لا مرد عليه حسب ما اقتضى العقل حقيقة ذلك , كما لا يفهم هؤلاء الظلمه الكفره , اعاذنا الله واياكم من الكفر والنفاق والفسق والعصيان ورزقكم الايمان والغفران , انه رؤوف رحيم بالعباد .
والحمد لله رب العالمين