علي جاسم الكعبي
السياسه الاسلاميه ... 3
بواسطة علي جاسم الكعبي, 15th August 2014 عند 11:37 PM (254 المشاهدات)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
( اليس الدين سياسه )
تلك المقوله انتشرت في الاونه الاخيره بل في الفتره التي اعقبت السقوط . ودخول رجال الدين معترك المجال السياسي لكن ضمن الاطر العلمانيه والاساليب الدنيويه التي تنم عن الرغبه في المناصب والامتيازات . وهي بعيده كل البعد عن الاطر الاسلاميه والدين الاسلاميه . وتكونت احزاب وتيارات باسماء مختلفه وانظمت اليهم شرائح كبيره من الوسط المتدين على اساس تلك هي سياسة الدين .وان كانت هي سياسة الدين فمن باب اولى هي الدين .
مما ادى الى صراعات في بعض الاحيان بين ابناء الطائفه الواحده نتيجة الاختلاف في المصالح والامتيازات الدنويه ووصل حد القتل والتفرقه والضعف . كل ذلك لجهلهم الدين بل السياسه الاسلاميه (( والتي هي في الحقيقه تطبيق الدين الحنيف بحذافيره )) وليس هي لبس الزي الاسلامي وتطبيق السياسه العلمانيه الدنويه . وعند سؤال من انخرط في تلك السياسه يكون جوابه حاضرآ وبكل صلافه يجيب ( اليس الدين سياسه ) . والحقيقه هي كلمة حق يراد بها باطل كما يقال .
فلنضرب مثلآ عن سياسة الدين وهي حديثة عهد لا تخفى على اي احد .
فتوى المرجع الاعلى السيد علي السيستاني ( حفظه الله ) . انها فتوى فقهيه خالصه . ليس فيها جانب سياسي . لاكنها قلبت الموازين السياسيه . وسحبت البساط من تحت ارجل السياسيين الذين تأمروا على العراق والسياسيين الذين فشلوا في ادارة البلد . هنا نقول ( الدين سياسه ) . عندما نطبق الدين . وشتان بين الاثنين !!!
ونتيجة تلك المقدمه نرى ان السياسه الاسلاميه هي تطبيق الدين وتبدأ من الانسان الذي هو مادة السياسه الاسلاميه بعد اصلاح نفسه والانتصار عليها وهذا ينبغي الحذر من وساوس الشيطان بالتسويف او التسويل , فمعه لا يمكن الاصلاح , فالموقف السليم الذي نتخذه هو اغتنام الفرصه واستغلال الوقت .
ذكرنا في الحلقه السابقه ان هناك ثلاث نتائج اخلاقيه وشرحنا احدها واليوم نشرح الحقيقه الثانيه وهي :
2 - الموازنه بين الخوف والرجاء :
الخوف والرجاء مصطلحان متضادان لانهما أمران وجوديان وهما من مباحث الاخلاق ومن الامور الضروريه في حياة الانسان , فالرجاء يجعله يريد كل شيء , والخوف يردعه عن عمل كل شيء , ووجه فائدتهما انه لولا الخوف لنسى الانسان ذاته الترابيه وامكانه الماهوي ولادعى الربوبيه والالوهيه , ولولا الرجاء والامل لما تحرك خطوه واحده ولما قام باي عمل .
يقول النبي - صل الله عليه واله - (( لولا الامل لما ارضعت والده ولدها )) وكل انسان منا فيه أملان : ظاهر وخفي , ولو انعدم احدهما او كلاهما لفقدت الحياة معناها .
وكلا المعنيين اشار اليهما القرآن المجيد , فتاره يحذرنا من الاغترار بانفسنا ومن الامان من مكر الله معتبرآ ذلك من صفات الخاسرين وهو الاشاره الى الخوف حيث قال تعالى { أفامنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرين } .
وتاره يدعونا ان نحيا بالامل ولا نيأس , وجعل اليأس أحد معالم الكفر ودواعيه , قال تعالى { ولا تأيئسوا من روح الله أنه من يأيئس من روح الله الا القوم الكافرون } .
وما دام القران قد ذكرهما ودعا الى الامل والخوف مع انهما متعادلان فلابد من معرفة نسبة كل واحد منهما في حياتنا . لكي لاتميل الى احد طرفي الافراط والتفريط لا في الخوف ولا في الرجاء .
والايات والرويات وعلماء الاخلاق ذكروا ان يكون للخوف والرجاء نسبتان متساويتان لكي يندفع الانسان الى العمل من جهه , وهذا يكون بواسطة الرجاء .
وكذلك يرتدع الانسان عن العجب والغرور من جهه اخرى وهذا يكون للخوف . قال ابو عبد الله - عليه السلام - (( ليس من عبد الا وفي قلبه نوران : نور خيفه ونور رجاء . ولو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا )) .
فاذا وصل الانسان الى هذه الحاله - وهي حالة مساوات الخوف والرجاء - التزم طريق الاعتدال في حياته واجتنب اي نوع من الافرط والتفريط .وعن امير المؤمنين - عليه السلام - (( خير الاعمال اعتدال الرجاء والخوف )) .
وقد يسأل سائل :
ما دخل الخوف والرجاء وكيف يمكن ربطه في السياسه والشجاعه ووحدة الدين والاخلاق ؟؟
وجوابه :
ان وجود الخوف والرجاء في حياة المرء مؤثر من حيث انه يدفعه الى كل فعل كريم وان كان فيه خطر كالدفاع عن حرمة الاسلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر . وينهاه عن كل قبيح وان كان حقيرآ وهينآ بنظر المرء كل الفساد المالي والاداري وموالاة الظالمين والطغاة , وان كان امرآ اعتياديآ على الاغلب في عصرنا مع الاسف الشديد .
وهذا لقمان الحكيم يوصي ولده (( خف الله عز وجل خيفه لو جئت ببر الثقلين لعذبك , وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك )
والحمد لله رب العالمين