الحرية

يوم بكيت على العراق .........

تقييم هذا المقال
بواسطة كلكامش, 25th February 2010 عند 12:34 PM (745 المشاهدات)
مقال احببت ان انشره في مدونتي


خالد القشطيني
لا أدري ما الذي أعطى العراقيين هذه الروح المتطرفة. هل التربة الغرينية؟ هل النفط الذي تسبح فيه؟ هل مياه دجلة والفرات؟ هل التفاوت الشديد في الحرارة بين الصيف والشتاء.. الليل والنهار؟ فلهذا التطرف جذور قديمة. سمعنا أنه عندما بنى عبد الملك بن مروان المسجد الأموي، جاء بعمال سخرة للعمل فيه. أمرهم بأن ينقل كل واحد منهم قطعة حجر للبناء. لاحظ أن واحدا منهم يقوم بنقل حجرين اثنين. تعجب من أمره فاستوقفه وسأله: من أي بلد أنت؟ قال أنا من العراق. قال: يا سبحان الله! أنتم يا أهل العراق تتطرفون حتى في عمل السخرة!
شكّل اليهود الجناح اليساري المتطرف في أيام العهد الملكي. أصبح الكثير منهم شيوعيين وماركسيين، تولى اثنان منهم قيادة الحزب الشيوعي، ودفعا الثمن بحياتهما. يهودا وساسون دلال. آل دلال من العوائل الغنية. لاحظ شرطي أن ساسون وهو في طريقه إلى المشنقة كان يلبس حذاء إسفنجيا غاليا. قال له: تدّعي بالشيوعية ولابس قندرة إسفنج؟! أجابه: ليش؟ هي الشيوعية بالقندرة أو بالراس؟
أعدموه، ورحلت أسرته مع بقية اليهود إلى إسرائيل. أصبح الأمر بيدهم هناك، فإذا بهم ينقلبون من التطرف اليساري إلى التطرف اليميني. إنهم يشكلون الآن عمدة حزب الليكود. حتى ذلك الماركسي القديم، ساسون صوميخ، وقف يدافع عن مجزرة غزة ويبررها.
كذا هو الأمر مع شيعة العراق، كانوا في أيام الخير يشكلون مع اليهود والكرد لحمة العمل اليساري. منهم تحدر جعفر الشبيبي ومحمد صالح بحر العلوم وجعفر أبو التمن والجواهري الذي كان يقسم بالثورة الحمراء والثوار (الثورة البلشفية). وتولى حسين الشبيبي سكرتارية الحزب الشيوعي وشنقوه.
آل الأمر إلى أيديهم اليوم، وإذا بكل ذلك التطرف اليساري ينقلب إلى تطرف يميني. أصبحت الفتاوى الدينية مصدر السلطات، يستشيرها أولو الأمر في الصغيرة والكبيرة. ترى على شاشات التلفزيون كل أولئك اللبراليين والماركسيين والوجوديين والملحدين يرفعون أذرعهم عاليا ويلطمون على صدورهم بحرقة وحماس. حتى سمعت أن أحد قادة الحزب الشيوعي ذهب إلى حج بيت الله الحرام. أين ذهبت كلمات كارل ماركس عن أفيون الشعوب؟
هنا في لندن، ذهبت لحضور حفلة للترحيب بفريق كرة القدم الفائز ببطولة آسيا. ذهبنا لنفرح بهم، وما أقل ما يفرحنا في العراق اليوم أي شيء. وقف اللاعبون على المنصة وأخذ الميكروفون أحد الشعراء وانطلق ينشد بكائية عن شهداء آل البيت.
دعاني أحد الأصدقاء لوليمة عشاء في بيته. عرفته في القديم يساريا متطرفا غارقا في الديالكتيكية والبروليتارية والداروينية. تناولنا العشاء وأكلنا التمن والسبزي وشربنا اللبن الشنينة. وإذا بأحد الحاضرين، أساتذة وأطباء وأكاديميين، يقف بيننا ويبدأ بصوت رخيم يرتل التعازي والمقاتل. لم تمضِ غير دقائق قليلة حتى وجدت سائر الحاضرين يطأطئون رؤوسهم ويدفنون وجوههم في أيديهم ويبدأون في البكاء. ولم تمر دقيقة أخرى حتى تدفقت الدموع من عيني، أنا أيضا، ورحت أشاركهم في البكاء.
بكيت وبكيت.
بكيت على العراق.
الكلمات الدلالية (Tags): العراق, خالد القشطيني.
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

  1. الصورة الرمزية fairy touch
    حسنا....
    لا ادري حقيقة من اين ابدأ...اظن الامر لم يعد كما يصف ...انا اظن الامر كله (مودا)...يوما ما كانت الماركسية مودا ..والافكار الشيوعية لا يفهمها البسطاء من العراقيين فاعتنقها المفكرون ذوو العقول النيرة ...كما كانت الداروينية يوما (جاتوه) لا يتناوله الفقراء ...فتباهى به ذوو الصالونات ..
    واليوم هو عصر العودة للمناداة بالدين (كل على فصاله)..ليس عند العراقيين فحسب ..بل هو الموضة التي تسري في العالم كالنار في الهشيم ...في مصر يتذابح المسلمون مع الاقباط ..وفي العراق يتقاتل اهل الطائفتين ...وفي باكستان يتقاتل اهل المذهب الواحد باسم التكفير ..وفي الغرب نعرات البروتستانت والكاثوليك تصحو من جديد ..واليهود يرفعون شعارات التظلم امام البشرية ويقتلون باسم الخلاص من الظلم ...
    انها موضة لابد للجميع ان يتبعها ...سواء امن بها ام لم يؤمن ...
    لست ممن يدعو الى اندثار عزاء اهل البيت ..انما لكل مقام مقال ..وما زاد عن حده انقلب الى ضده وصار مهزلة ...
    انما في النهاية ، سؤال برئ ....ترى لو اتخذت مجالس العزاء شكلها ووقتها الصحيح ...وادت الوظيفة الملائمة المرادة منها كسنة من سنن اهل البيت ...فهل سيسكت عن البكاء على العراق من يدعي انه يبكي عليه ؟
    في الحقيقة لست واثقة ...
    دعوة مني لك كلكامش لسماع قصيدة (مرثية )احبها اسمها (انت ثاري وثار الله يا امامي ) لباسم الكربلائي ..فيها تساؤلات منطقية جدا ...تحياتي لك .
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال